علماء يبتكرون مفتاحاً جينياً للتحكم في الذاكرة البشرية

أضيف بتاريخ 11/05/2025
منصة المَقالاتيّ


توصل فريق بحثي في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في لوزان إلى اكتشاف علمي قد يغير مستقبل علاج الاضطرابات النفسية والعصبية، حيث نجحوا في التحكم بقوة الذكريات من خلال تعديل حالة جين واحد فقط.

استخدم الباحثون تقنيات متطورة مبنية على نظام كريسبر للتحكم في جين Arc داخل الخلايا العصبية المسؤولة عن تخزين الذكريات في منطقة الحُصين بالدماغ. أظهرت التجارب أن تنشيط هذا المفتاح الجيني يمكن أن يعزز القدرة على استدعاء الذكريات، بينما يؤدي تعطيله إلى حجب عملية التعلم ومنع تكوين ذكريات جديدة. الأهم من ذلك أن العلماء تمكنوا من عكس هذه التأثيرات لاحقاً، ما يعني إمكانية استعادة الذكريات المحجوبة.

يمثل هذا البحث المرة الأولى التي يثبت فيها العلماء بشكل مباشر أن تعديل الحالة الجينية لجين واحد يمكن أن يتحكم في الذاكرة ذاتها. تعتمد الآلية على ما يعرف بالتعديلات الإبيجينية، وهي تغييرات لا تمس تسلسل الحمض النووي نفسه، بل تؤثر على كيفية قراءة الجينات وتنشيطها.

تفتح هذه النتائج آفاقاً واعدة لعلاج حالات طبية معقدة كاضطراب ما بعد الصدمة، حيث يمكن إضعاف الذكريات المؤلمة دون محوها تماماً، بالإضافة إلى معالجة الإدمان من خلال تعديل الذكريات المرتبطة بالمواد المخدرة. كما يحمل الاكتشاف أملاً لمرضى ألزهايمر في تعزيز قدراتهم على الاحتفاظ بالذكريات واستدعائها.

على الرغم من الإمكانيات الهائلة التي يوفرها هذا التقدم العلمي، فإنه يثير تساؤلات أخلاقية عميقة حول حدود التدخل في الذاكرة البشرية. يشير الباحثون إلى أننا قد نقترب من عصر تصبح فيه الذاكرة البشرية قابلة للبرمجة والتعديل بدقة، وهو ما يستدعي نقاشاً مجتمعياً واسعاً حول الاستخدامات الأخلاقية لهذه التقنية.