في تونس: نظرية "مؤامرة التمويل الأجنبي" بين السياسة والواقع

أضيف بتاريخ 11/11/2025
عن البريد الدولي


يستمر الجدل في تونس حول قضية "التمويل الأجنبي" وتأثيره على الحياة السياسية، إذ تحولت هذه التهمة إلى أداة يتكرر استحضارها في النقاشات العامة، خاصة في أوقات الأزمات أو الغموض السياسي. تلقى مسألة تدخلات المال الخارجي اهتماماً لافتاً من الحكومة ووسائل الإعلام، وتُطرح غالباً كمبرر لتفسير الانقسامات، ضعف المؤسسات أو حتى التشكيك في ولاء بعض القوى السياسية والمنظمات للمصلحة الوطنية.

في السياق السياسي التونسي، حافظت هذه الاتهامات على حضور دائم تقريباً منذ الثورة، حيث توجه باستمرار إلى الأحزاب، جمعيات المجتمع المدني، وحتى الصحفيين، تحت دعاوى تلقي الدعم المالي من جهات أجنبية تسعى، حسب الروايات الرسمية، للتأثير على القرار الوطني أو الدفع بأجندات معينة. ورغم كثرة التصريحات والتحقيقات المعلنة، نادراً ما تُقدم معطيات دقيقة أو تبرز أدلة دامغة للعموم، ما يترك المسألة معلقة بين الشكوك والواقع الموضوعي.

يرى مراقبون أن التلويح بقضية التمويل الأجنبي لم يعد فقط إجراءً احترازياً ضد التدخلات الخارجية، بل صار أحياناً سلاحاً سياسياً يُستعمل لإضعاف الخصوم أو تشويه صورة المعارضين. ويعتبر آخرون أن هذه الاتهامات يمكن أن تُستخدم لصرف الانتباه عن التحديات الحقيقية التي تواجه البلاد، كالاقتصاد المتعثر أو أزمة الثقة في المؤسسات.

هكذا تبقى قضية التمويلات الخارجية جزءاً من المشهد السياسي التونسي، تتجدد مع كل تغير أو تصعيد في الحياة العامة، وغالباً ما تصبح أداة سهلة الاستخدام في صراعات السلطة، من دون حلول عملية أو مراجعة جادة لسبل ضبط التمويل وتحقيق الشفافية في المجال العام.