ياسمينة أسراݣيس: هل ينجح المغرب في رهان 2035 بين الطموح والقدرة على التنفيذ؟

أضيف بتاريخ 11/22/2025
منصة المَقالاتيّ


قبل أقل من عام على الانتخابات التشريعية المرتقبة، تظهر تساؤلات ملحة حول قدرة الدولة المغربية على تجسيد طموحاتها الكبرى في العقد القادم، كما أشارت إليه عدة مصادر من بينها تقرير للباحثة ياسمينة أسرارݣيس، المنجَز لصالح معهد شوازول، والمنشور في العديد من المنابر من بينها Jeune Afrique وLe360. في هذا التقرير، تستند أسرارݣيس، الباحثة الزائرة في جامعة برينستون، إلى تحليل سياسات عامة، وقراءة معمقة للمعطيات المؤسساتية (من المندوبية السامية للتخطيط، البنك الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية)، وأعمال ميدانية بعدة مناطق مغربية، بحيث تنجح هذه المقاربة في ربط التحولات الكبرى بواقعها الملموس: أزمة مياه مستمرة منذ سبع سنوات، انكماش الزراعة بسبب الجفاف، صعود الصناعة وخاصة قطاع السيارات، ارتفاع تدفقات الاستثمارات الأجنبية، واستمرار الهشاشة الاجتماعية.

تبرز ياسمينة أسراݣيس، التي يشهد لها بمسار تنقّل بين الدبلوماسية والبحث العلمي من اليونسكو إلى فريق الرئيس الفرنسي، مرورا بمكاتب الأمم المتحدة في نيويورك، ثم بقسم شؤون الشرق الأدنى في برينستون حيث تدرس ديناميات السلام ودور المغرب، صورة بلد واثق بذاته، يسير بسرعة في مرحلة تحول، تتجاوز في بعض الأحيان قدرات بنياته المصاحبة. وهذه الصورة، وإن وُصفت بالتفاؤل من طرف بعض المتابعين، تبقى قراءة تحليلية آنية لبلد ينتقل تدريجيا إلى مستوى جديد من التنمية.

يكشف التقرير تناقض المغرب، حيث تسبق الرؤية السياسية والإستراتيجية الملكية العمل الإداري، إذ تظل الرؤية واضحة وطموحة: تصعيد التصنيع، توسيع البنية التحتية، الانفتاح على إفريقيا، تعزيز القيمة المضافة. إلا أن تفعيل هذه الرؤية يواجه صعوبات مثل البطء الإجرائي وضعف التنسيق المحلي وتأخر تنفيذ المشاريع، وهي قضايا تُعتبر تحديات بنيوية أكثر منها تناقضات، لأن كل دولة تعتمد إستراتيجية طموحة تواجه هذا الفرق بين الحلم والتطبيق.

اقتصاديا، يسجّل التقرير نقاط تقدم مهمة كارتفاع الاستثمارات الأجنبية وتحويل الاقتصاد صوب الإنتاجية العالية، متوازنة مع معوقات مثل استمرار أزمة المياه، وتراجع الزراعة، واتساع القطاع غير المهيكل، وفوارق كبيرة في التعليم والتكوين بجهة الريف خصوصا. ويؤكد أن تجاوز المرحلة لا يتحقق إلا إذا تحولت هذه الهشاشات إلى رافعات للإصلاح.

يعتبر التقرير أن حضور المغرب إفريقيا امتداد طبيعي لتاريخه، غير أنه لا يغفل أبعاد الهشاشة والتقلبات الجيوسياسية في القارة. يبيّن أن الإستراتيجية المغربية تأخذ بعين الاعتبار هذه التحديات في رهان صريح على الحضور المستمر والتأثير العميق بدل الرهان على انتصارات مؤقتة أو منجزات عابرة.

يضع التقرير الاستثمار في الرأسمال البشري في قلب المشروع الوطني: فالحل يكمن في تكوين شباب فاعل ومؤهل لمتطلبات المرحلة الجديدة، معالجة نسب الأمية الجامحة خاصة في الوسط القروي، ومواصلة إصلاح الجامعة وربطها بحاجيات الاقتصاد. فاكتساب صفة "القوة المحورية" لا يمر إلا عبر الرأسمال البشري.



Note-strategique-Choiseul_Maroc-2035_finale_DIGITAL Note-strategique-Choiseul_Maroc-2035_finale_DIGITAL