بينما تستمر الحرب المدمرة في قطاع غزة، تتفاقم معاناة عشرات العائلات المغربية العالقة في قلب الأزمة الإنسانية. فقد وجهت "رابطة المغاربة في غزة"، وهي منظمة محلية، رسالة مفتوحة إلى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، مطالبة السلطات المغربية بالتدخل العاجل لإجلاء مواطنيها. الرسالة وصفت الوضع بأنه "كارثي"، حيث يعيش المغاربة العالقون في ظروف قاسية بلا مأوى، ويعانون من انعدام الغذاء والدواء والماء الصالح للشرب، فضلاً عن خطر انتشار الأوبئة في ظل انهيار شبه كامل للبنية التحتية.
محمد موسادك بنخضرة، الرئيس بالنيابة للرابطة، أوضح في تصريح أن من الصعب تحديد العدد الدقيق للمغاربة المحاصرين، نظراً لانقطاع الاتصال بعدد كبير منهم، لكنه يقدّر عددهم ما بين 150 و300 شخص، معظمهم عائلات مع أطفال فقدوا منازلهم ويعيشون اليوم في خيام مؤقتة أو ملاجئ مكتظة. حسب قوله، فإن الوضع في غزة بلغ مرحلة الانفجار السكاني، حيث تكدّس نحو مليوني شخص في مساحة تقل عن ربع القطاع إثر تدمير مدن بأكملها مثل رفح شمالاً وبيـت حانون وبيت لاهيا.
تطرح الرابطة حلولاً بديلة في حال تعذّر تنظيم عملية إجلاء، منها مطالبة وكالة "بيت مال القدس الشريف" التابعة للجنة القدس التي يرأسها العاهل المغربي، الملك محمد السادس، بإنشاء مخيم خاص لاستقبال الأسر المغربية، على غرار ما فعلت السلطات المصرية لمواطنيها في دير البلح. ويرى بنخضرة أن هذه الخطوة ستوفر ملجأً مؤقتاً وتخفف ضغط المعاناة إلى حين توافر الظروف الملائمة للعودة إلى الوطن.
أمام هذه المأساة، يواصل ذوو الأسر المتضررة في المغرب ومعهم الجالية المغربية في الخارج تنظيم اعتصامات ووقفات احتجاجية، إلى جانب حملات عبر وسائل الإعلام الوطنية، غير أن هذه التحركات لم تتحول بعد إلى قضية رأي عام واسع، حسب تعبير ممثلي الرابطة.
على المستوى الرسمي، كانت السلطات قد نجحت في تنظيم أول عملية إجلاء كبيرة بتاريخ 13 نوفمبر 2023، أُخرج خلالها 112 مغربياً من غزة عبر معبر رفح. أما المحطة الثانية فتمثلت في أبريل 2025، حين أعلنت وزارة الخارجية تنظيم خمس دفعات متتالية شملت 369 مغربياً قبل أن تتوقف العملية تحت ضغط القصف المكثف والإغلاق الكامل لمعابر القطاع. ورغم تعهد الرباط باستئناف الإجلاء "حين تسمح الظروف"، فإن مئات الأسر لا تزال عالقة وسط الفوضى.
هذا التقرير مستند إلى معطيات وتحقيقات نشرتها مجلة "Jeune Afrique"، التي نقلت نداءات رابطة المغاربة في غزة ومعطيات عن الإجلاء الرسمي السابق، مسلطة الضوء على محنة إنسانية غير مسبوقة تهدد حياة مئات المواطنين المغاربة.