منذ 7 أكتوبر 2023، تُقام في ألمانيا تظاهرات شبه يومية ضد سياسة إسرائيل، حيث تُرفع أحيانًا شعارات معادية للسامية بشكل واضح.
مؤخرًا في مدينة فلنسبورغ وقع حادث بارز: علق صاحب متجر على واجهة المحل لافتة مكتوب عليها «ممنوع دخول اليهود!» وبخط صغير: «لا شيء شخصي، وهذا ليس معاداة للسامية، فقط لا أستطيع تحملكم». وقد تم فتح قضية جنائية ضد صاحب اللافتة.
شارك في الإجراءات القضائية يائير لابيد — زعيم المعارضة في إسرائيل والمنافس الرئيسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. نجا والده من المحرقة، وكانت جدته ضحية في معسكر ماوتهاوزن. كتب مقالًا لـ BILD يحذر فيه من موجة جديدة من معاداة السامية في أوروبا.
«في النظام القضائي الألماني، يحظى الخبراء بأهمية كبيرة تقليديًا: أشخاص يفهمون الموضوع حقًا ومعرفتهم موثوقة في المحكمة. في القضية الجنائية التي بدأت بها ضد صاحب المتجر في فلنسبورغ، أريد أن أظهر ليس فقط كمدعٍ غاضب، بل كخبير. في هذه القضية أعمل كمتخصص في معاداة السامية.
تعتمد كفاءتي على عدة أمور. من جهة، على خبرتي كرئيس وزراء ووزير خارجية إسرائيل. ومن جهة أخرى، على أنني أول من عين مبعوثًا خاصًا دوليًا لمكافحة معاداة السامية. لكن الأهم — أن لدي أقوى سلاح للتعرف على معادِي السامية: أنا يهودي.
بهذا الرصيد أريد أن أوضح: لدى معادِي السامية دائمًا عذر جديد. الكراهية تجاه اليهود موجودة منذ آلاف السنين، وكل جيل يخترع مبررات جديدة.
يُكره اليهود بزعم أنهم شيوعيون أو رأسماليون. لأنهم يسيطرون على كل الأموال، أو بالعكس — فقراء يعيشون على حساب الآخرين. يُطلق عليهم إما "عرق غريب" أو يُنتقدون لأنهم لا يختلفون في المظهر ويتواجدون في كل مكان. في ألمانيا يوجد نوع خاص من معادِي السامية: يكرهون اليهود لأنهم تعبوا من الاعتذار عن قتلهم. معاداة السامية أبدية لكنها دائمًا تتكيف.
الحقيقة بسيطة: صاحب المتجر في فلنسبورغ، والنازيون الجدد في شرق ألمانيا، واليساريون المؤيدون لفلسطين في برلين — كلهم معادون للسامية. وليسوا مبدعين جدًا. نعرفهم جيدًا: هم أشخاص يكرهون اليهود ويبحثون عن ذريعة ليختبئوا خلفها.
من يهتف "من النهر إلى البحر" أو "حرروا فلسطين" في الحقيقة يقول: "نحن نكره اليهود لأنهم يهود". المفارقة أنهم يعتبرون أنفسهم متمردين معاصرين. في الواقع، هم فقط يواصلون تقليد العائلة: أجدادهم كانوا يكرهون اليهود — وهم يفعلون الشيء نفسه، ويطلقون على أنفسهم مناهضي الفاشية.
إذا لم تصدقوا استنتاجي، اسألوا: إذا كان هؤلاء الناس حقًا مناضلين من أجل العدالة مدفوعين بالإنسانية، فلماذا لا يسيرون تحت شعار "حرية جنوب السودان"؟ هناك ضحايا أكثر بعشرة أضعاف من غزة، ونصف مليون طفل على حافة المجاعة. لماذا لا يهتمون بهم؟ أو بإثيوبيا؟ أو ميانمار؟ أين كانوا عندما قُتل نصف مليون في سوريا؟ لماذا لم يسيروا في الشوارع وهم يرتدون الكوفية؟ لماذا لا توجد في فلنسبورغ لافتة تقول "ممنوع دخول البورميين"؟
الجواب واضح: بمجرد أن لا يتعلق الأمر باليهود، يصبح هؤلاء "المناضلون من أجل العدالة" غير مهتمين.
عندما يتعلق الأمر باليهود، يفقد المتظاهرون القدرة على التفكير. الناس الذين يمكنهم مناقشة أنواع التوفو لأسبوع، لا يستطيعون تخصيص 15 دقيقة لفهم ما هو حماس، ما أهدافه، من بدأ هذه الحرب، ماذا يعني "الدرع الحي" ومن يمنع المدنيين من مغادرة مناطق القتال. ليس لديهم وقت للأسئلة المعقدة، لأنهم مشغولون — يرتدون الكوفية ويخرجون للاحتجاج ضد اليهود»