شهدت المدن المغربية الكبرى موجة احتجاجات غير مسبوقة في نهاية سبتمبر 2025، قادها شباب يطلقون على أنفسهم "جيل زد 212"، في إشارة إلى رمز الاتصال الدولي للمغرب. هذه الحركة الاحتجاجية اللامركزية، التي تنظم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تعبر عن مطالب اجتماعية ملحة تتعلق بالصحة والتعليم.
خلال ثلاثة أيام متتالية، من 27 إلى 29 سبتمبر، خرج آلاف الشباب إلى الشوارع في مختلف أنحاء المملكة للتعبير عن استيائهم من تدهور الخدمات العمومية. وتأتي هذه الاحتجاجات في وقت حساس، قبل عام من الانتخابات التشريعية وقبل أسابيع من استضافة المغرب لكأس أمم أفريقيا.
مطالب واضحة وأساليب جديدة
يركز المحتجون على قضايا محددة في قطاعي الصحة والتعليم. في المدارس، يشتكون من البنية التحتية المتهالكة والأقسام المكتظة. وفي المستشفيات، يندّدون بنقص الأطباء وقدم المعدات وصعوبة الوصول إلى العلاج في بعض المناطق. وقد أججت وفاة ثماني نساء في مستشفى أكادير خلال عشرة أيام الغضب الشعبي حول وضعية النظام الصحي.
تتميز حركة "جيل زد 212" باستخدامها المكثف للتكنولوجيا الرقمية في تنظيم الاحتجاجات. يتم الإعلان عن أماكن التجمع قبل ساعتين فقط من موعدها، ويتم تنسيق التحركات عبر منصات مثل Discord وMoroccan Youth Voice.
موقف الحكومة والطبقة السياسية
التزمت الحكومة الصمت منذ بداية الاحتجاجات، مما أثار انتقادات متزايدة. ويُنتظر أن يعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بيتاس، موقف الحكومة في المؤتمر الصحفي الأسبوعي.
أما الأحزاب السياسية، فقد تباينت مواقفها بين الداعم للاحتجاجات والمتحفظ. لكن الحركة الاحتجاجية أكدت رفضها لأي "استغلال سياسي" لتحركاتها، مشددة على استقلاليتها عن جميع التنظيمات السياسية والنقابية.
تحديات المستقبل
تطرح هذه الاحتجاجات تساؤلات عميقة حول مستقبل الحركة الاحتجاجية في المغرب. هل ستتمكن من الاستمرار والتأثير على السياسات العمومية؟ أم أنها ستبقى مجرد تعبير عن غضب ظرفي؟
ما يميز هذه الحركة هو قدرتها على الجمع بين الاحتجاج الافتراضي والميداني، مما يعكس تحولاً عميقاً في أشكال التعبير السياسي والاجتماعي في المغرب. ويبقى التحدي الأكبر هو تحويل هذا الزخم إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.