الحراك الشبابي المغربي بين المطالب الاجتماعية وحدود التغيير السياسي

أضيف بتاريخ 10/08/2025
منصة المَقالاتيّ


شهد المغرب في الأيام الأخيرة موجة احتجاجات يقودها شباب يعرفون بتيار "GenZ212"، إذ تحولت مطالب الإصلاح في قطاعي الصحة والتعليم سريعاً إلى مطالب سياسية تدعو لإسقاط الحكومة الحالية برئاسة عزيز أخنوش. وقد تراجعت المشاركة في المظاهرات مؤخراً، غير أن الضغط الشعبي لا يزال قائماً، فيما ينتظر الجميع كلمة الملك المرتقبة.

بادرت السلطة التنفيذية إلى إعلان استعدادها للحوار، لكن شباب الحركة رفضوا العرض معتبرين أن الحكومة غير قادرة على حل الأزمة، ولا حاجة للنقاش معها. أثار هذا التصعيد تساؤلات بشأن الإطار الدستوري الذي يحكم المشهد السياسي المغربي وحدود تدخل الملك في إنهاء مهام الحكومة.

وفق الخبراء، لا ينص الدستور بشكل واضح على إمكانية إعفاء رئيس الحكومة من طرف الملك ما لم يقدم استقالته. كما يشرح مختصون أن الدستور ينص على إنهاء مهام الحكومة كاملة بعد استقالة رئيسها، وبهذا يتضح الغموض القانوني الذي يلف هذا المطلب الشعبي.

تبرز ثلاثة سيناريوهات دستورية أمام الأزمة :

الأول هو حل البرلمان أو إحدى غرفتيه عبر مرسوم ملكي، مع استمرار الحكومة في تدبير الشأن العام حتى تشكيل حكومة جديدة.

السيناريو الثاني يتمثل في إعفاء مباشر لرئيس الحكومة مع بقية أعضائها وفق تأويل موسع للنص الدستوري، باعتبار رئيس الحكومة عضواً في الجهاز التنفيذي كباقي الوزراء.

أما السيناريو الثالث فيرتكز على قراءة موسعة لصلاحيات الملك كضامن لاستمرارية الدولة، ما يمنحه عملياً إمكانية اتخاذ قرارات جذرية لإعادة الاستقرار، بما فيها تعيين رئيس حكومة جديد من الحزب الأغلبي أو، في حال عجزه عن توفير الأغلبية، اللجوء إلى الحزب الثاني في الانتخابات.

غير أن من المراقبين من يحذر من تداعيات سقوط الحكومة في هذا التوقيت، على اعتبار اقتراب موعد بطولة أمم إفريقيا لكرة القدم "الكان"، ما يمثل مناسبة حساسة لصورة المغرب دولياً.

خبير آخر يشير إلى أن الاحتجاجات تزامنت مع نهاية ولاية الحكومة بعد فشل المعارضة في تمرير ملتمس رقابة، كما ترافقت مع الاستعداد لانتخابات سنة 2026. ويرى أن تصعيد الشعارات لإسقاط الحكومة يتطلب مساءلة عن مدى تمثيلية هذه الحركة لكل فئات المجتمع، متسائلاً عن شرعية مطالبتهم بعزل السلطة التنفيذية رغم أنهم قد يكونون أقلية أو من غير المشاركين سابقاً في الانتخابات.

يخلص البعض إلى دعوة لإصلاحات تدريجية، من بينها تسريع إنشاء مجلس استشاري للشباب كما ينص الدستور، وتوقع أن الخطاب الملكي المقبل قد يستجيب لمطالب الشارع ويساهم في تهدئة الأوضاع وفتح قنوات جديدة للحوار بين الشباب والدولة.