بعد أربعين عاماً قضاها في ظلال جهاز المخابرات الإسرائيلي، يكشف تامير باردو، المدير السابق للموساد، في حوار نادر مع هيئة الإذاعة السويسرية، عن رؤية نقدية حادة لمستقبل إسرائيل. باردو، الذي عيّنه بنيامين نتنياهو مديراً للموساد عام 2011، أصبح اليوم من أشد منتقدي رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وفي تقييمه للحرب في غزة بعد عامين من هجمات 7 أكتوبر، يصف باردو (72 عاماً) الوضع بأنه "مضيعة للوقت والأرواح والمال والمستقبل". ويضيف: "تعرضنا للمفاجأة بسبب أخطاء كثيرة ارتكبناها ودفعنا ثمنها. وعندما أدركنا حجم هذا الثمن، فهمنا أنه يجب إنهاء التهديد في غزة".
وفي نظرته للصراع، يؤكد باردو أن إسرائيل وقعت في فخ: "عندما أنظر إلى نتائج الحرب في غزة من وجهة نظر أوروبية، يرون كارثة لا يفهمونها. لكن هذا كان بالضبط مخطط سنوار لشعبه. كنا مستعدين لوقف الحرب بعد يوم أو يومين، لكنهم كانوا مستعدين للقتال حتى آخر طفل وامرأة في غزة".
ويوجه باردو انتقادات حادة للسياسات السابقة، قائلاً: "لا يمكن شراء السلام بالمال. كان خطأً فادحاً أن نعتقد أن بإمكاننا ردع الإرهابيين. الفيل لا يمكنه ردع النملة، خاصة إذا كانت هذه النملة مجموعة إرهابية".
وحول مستقبل المنطقة، يطرح باردو السؤال المحوري: "أي دولة نريد أن نبني بين البحر المتوسط ووادي الأردن حيث يعيش 15 مليون شخص، 55% منهم يهود و45% غير يهود؟" ويؤكد أن "الحل السياسي هو السبيل الوحيد، وإلا سنواجه المزيد من المعاناة من الجانبين".
وفي موقف مثير للجدل، يجدد باردو وصفه للوضع في الضفة الغربية بأنه "نظام فصل عنصري"، موضحاً: "طالما لم يحصل الفلسطينيون على نفس الحقوق التي يتمتع بها جيرانهم، سيستمرون في الاحتجاج، سلمياً أو للأسف بالسلاح. إذا حصلوا على نفس حقوق اليهود، لن تبقى إسرائيل دولة يهودية، وإذا لم يحصلوا عليها، سيكون هناك المزيد من الدماء".
ويشدد باردو على أن الخطر الأكبر يأتي من الانقسام الداخلي: "لا أخشى إيران ولا حزب الله ولا حماس. في منطقتنا، المجتمع المنقسم يشكل خطراً أكبر من كل التهديدات الخارجية".
ويختتم حديثه بدعوة ملحة للتغيير: "نحتاج إلى قيادة جديدة في أسرع وقت ممكن. آمل أن تتمكن حكومة مختلفة تماماً من معالجة هذه الجروح التي نعاني منها جميعاً، لأن الحكومة الحالية لا توحد سكان إسرائيل - يهوداً وغير يهود".