محمد الطوزي: الحكومة المغربية تتحدث بلغة لا يفهمها المواطنون – قراءة في رؤيته لحركة "جيل زد 212"

أضيف بتاريخ 10/27/2025
منصة المَقالاتيّ

يرى الباحث والمفكر المغربي محمد الطوزي أن الحكومة في المغرب فقدت قدرتها على التواصل الحقيقي مع المواطنين، مؤكداً أن الخطاب الرسمي أصبح بعيداً عن اهتمامات الناس اليومية. وأوضح أن لغة البيانات والأرقام حول النمو الاقتصادي لم تعد تقنع الشباب الذين ينتظرون أن يسمعوا لغة قريبة من واقعهم، تعبّر عن معاناتهم مع غلاء المعيشة، وتدهور الخدمات، والبطالة، وضعف الأمل في المستقبل



وأشار الطوزي في حوار مع صحيفة جون أفريك  إلى أن بروز حركة "جيل زد 212" على مواقع التواصل الاجتماعي يعكس هذا الانفصال المتزايد بين الدولة والمجتمع. فهذه الحركة، كما قال، ليست تنظيماً سياسياً تقليدياً، بل شكلاً جديداً من التعبير الاجتماعي الذي يوحد جيلاً نشأ في عالم رقمي مفتوح، يرفض المؤسسات الوسيطة ويبحث عن صوت مباشر وحر. ويرى الطوزي أن هذه الموجة الشبابية تكشف عمق الهوة بين "المغرب الرسمي" الذي يُروَّج كواجهة للتحديث والإنجازات الكبرى، و"المغرب الواقعي" حيث يعيش الناس صعوبات يومية في التعليم والصحة والعمل.

وأكد أن أسباب الغضب الشعبي داخلية بالأساس، وأن البطالة، وتدهور القدرة الشرائية، واستمرار التفاوتات الاجتماعية والمجالية هي التي تغذي هذا الاحتقان. وانتقد الطوزي الخطاب الذي يحاول إرجاع كل حركة احتجاجية إلى "يد خارجية" أو مؤامرة، معتبراً أن هذه المقاربة تعكس رفضاً للاعتراف بالخلل البنيوي المحلي. كما حذّر من أن الرد الأمني القاسي وإصدار أحكام ثقيلة ضد المحتجين لن يؤدي إلا إلى تفاقم الغضب وإضعاف الثقة في مؤسسات الدولة.

وفي معرض حديثه عن رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أوضح الطوزي أنه بات رمزاً لغربة الطبقة الحاكمة عن المجتمع، مبرزاً أن صورته كرجل أعمال ثري تجعل الناس يرونه بعيداً عن معاناتهم اليومية. وأشار إلى أنه رغم بعض النجاحات الحكومية مثل مشروع الحماية الاجتماعية، فإن ضعف التواصل وغياب الحس السياسي جعلا الحكومة تبدو عاجزة عن مخاطبة الناس بلغة قريبة من واقعهم.

أما عن المؤسسة الملكية، فقد اعتبر الطوزي أنها تظل عنصر استقرار وضمان لاستمرارية الدولة، لكنها لا يمكن أن تقوم مقام العمل السياسي والمؤسسات المنتخبة. ودعا إلى تفعيل مضامين دستور 2011، خاصة تلك التي تتيح للمواطنين المشاركة المباشرة في صنع القرار ومراقبة أداء المسؤولين. كما شدد على ضرورة تحرير النقاش العمومي وفتح المجال أمام المجتمع المدني والإعلام الحر كي يعيدا الثقة بين الدولة والمجتمع.

وفي ختام رؤيته، أكد محمد الطوزي أن ما يعبّر عنه شباب "جيل زد" لا يمثل تهديداً للنظام، بل دليلاً على حيوية المجتمع المغربي ورغبته في التغيير السلمي. فهؤلاء الشباب، على حد قوله، يطالبون بمغرب عادل لا يهمّشهم ولا يدفعهم إلى الهجرة أو الانطواء. غير أنه حذّر من أن استمرار التجاهل الرسمي لهم قد يؤدي إلى فقدان الأمل، وهو ما يشكل الخطر الأكبر على مستقبل البلاد.