لا زالت الخرافات تحتل مكانة في عقول البشر رغم تقدم العلوم وارتفاع مستوى الوعي، وذلك يعود إلى طريقة عمل الدماغ البشري التي تميل إلى الربط بين أحداث لا علاقة بالسببية بينها، بحثاً عن معنى وسبب في ما يحيط بنا. يُعرف هذا الميل باسم "التحيز نحو رؤية الأنماط"، حيث يفضل الدماغ تبرير الأمور ضمن علاقة سبب ونتيجة بدلاً من قبول العشوائية أو الحظ. هذا التوجه تطوّر مع الإنسان ليحميه من المخاطر المحتملة، فكان من الأفضل دائمًا افتراض تهديد ما عند سماع صوت غريب في الغابة بدلاً من تجاهله.
تشترك عدة مناطق في الدماغ في هذه العملية، بدءاً من اللوزة الدماغية التي تتفاعل مع الخوف والمخاطر، مروراً بمنطقة المخطط التي تدعم التعلم عبر الربط بين الأفعال والنتائج المبشرة. هذه المناطق تعمل سوياً لتدعيم السلوكيات التي شهدت نتائج إيجابية حتى لو كانت مصادفة، مما يفسر تكرار واحتفاظ الناس بعادات مثل لمس الخشب أو وجود تميمة حظ قبل مواقف مهمة. تجارب كلاسك مثل تجربة بيرفريد سكينر مع الحمام أوضحت كيف يطور الدماغ أنماطاً من السلوك بناءً على توقع نتائج معينة حتى وإن لم يكن هناك سبب فعلي.
تزداد قوة هذه الميول عند ضغوطات الحياة وعدم اليقين، حيث يضعف التحكم العقلاني ويهيمن التفكير العاطفي، ما يعيدنا إلى مستويات أقدم من السلوكيات الغريزية. بهذا، ليست الخرافات دليلاً على ضعف ذهني، بل رد فعل عصبي نفسي طبيعي يهدف إلى تقليل القلق الناتج عن عدم السيطرة على الظروف غير المتوقعة في الحياة. إنها طريقة تلقائية للبحث عن الاستقرار المعنوي وسط فوضى العالم.


